کد مطلب:352926 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:247

رسالة مفتوحة إلی السید أبوالحسن الندوی العالم الهندی
بسم الله الرحمن الرحیم

والصلاة والسلام علی أشرف المرسلین وآله الطاهرین رسالة مفتوحة إلی السید أبو الحسن الندوی العالم الهندی السلام علیكم ورحمة الله تعالی وبركاته وبعد: أنا محمد التیجانی السماوی التونسی الذی من الله علیه بالهدایة والتوفیق فاعتنق مذهب أهل البیت النبوی بعد بحث طویل وبعد ما كنت مالكیا ومن أتباع الطریقة الصوفیة المشهورة فی شمال إفریقیا وهی التیجانیة، وعرفت الحق من خلال رحلة موفقة إلی علماء الشیعة، وكتبت فی ذلك كتابا أسمیته ثم اهتدیت ثم طبعه عندكم فی الهند من طرف المجمع العلمی الإسلامی بعدة لغات وبالمناسبة دعیت لزیارة الهند. سیدی العزیز قدمت إلی الهند فی زیارة قصیرة، وكان أملی أن ألتقی بحضرتكم لما أسمعه عنكم ولما أعلمه بأنكم المشار إلیه بین أهل السنة والجماعة عندكم. ولكن عاقنی عن ذلك بعد المسافة وضیق الوقت، واكتفیت بزیارة مدینة بومبای وبونة وجبل بور وبعض المدن الأخری فی كوجراتی وتألمت كثیرا لما شاهدته فی الهند من عداوة وبغضاء بین أهل السنة والجماعة وإخوانهم المسلمین من الشیعة. وقد كنت أسمع بأنهم یتحاربون ویتقاتلون أحیانا وتسفك دماء بریئة من الطرفین باسم الإسلام.



[ صفحه 12]



ولم أكن أصدق، معتقدا بأنه مبالغة فی التشویه، ولكن ما شاهدته وما سمعته من خلال زیارتی یبعث حقا علی الحیرة والاستغراب وأیقنت بأن هناك نوایا خسیسة ومؤامرات خطیرة تحاك ضد الإسلام والمسلمین للقضاء علیهم جمیعا سنة وشیعة ومما زاد یقینی وضوحا وعلمی رسوخا تلك المقابلة التی دارت بینی وبین مجموعة من علماء أهل السنة یتقدمهم الشیخ عزیز الرحمن مفتی الجماعة الإسلامیة وكان اللقاء فی مسجدهم بومبای وبدعوة منهم. وما أن حللت بینهم حتی بدأ الازدراء والتهكم والسب واللعن لشیعة آل البیت، وقد أرادوا بذلك استفزازی وإثارتی لعلمهم مسبقا بأنی قد ألفت كتابا یدعو للتمسك بمذهب أهل البیت سلام الله علیهم. ولكنی فهمت قصدهم وتمالكت أعصابی وابتسمت لهم قائلا: أنا ضیف عندكم وأنتم الذین دعوتمونی فجئتكم مسرعا ملبیا، فهل دعوتمونی لتسبونی وتشتمونی، وهل هذه هی الأخلاق التی علمكم إیاها الإسلام؟؟ فأجابونی بكل صلافة بأنی لم أكن یوما فی حیاتی مسلما لأننی شیعی والشیعة لیسوا من الإسلام فی شئ وأقسموا علی ذلك. قلت: اتقوا الله یا إخوتی فربنا واحد ونبینا واحد وكتابنا واحد وقبلتنا واحدة، والشیعة یوحدون الله ویعملون بالإسلام اقتداءا بالنبی وأهل بیته، وهم یقیمون الصلاة، ویؤتون الزكاة ویحجون بیت الله الحرام، فكیف یجوز لكم تكفیرهم؟؟ أجابونی: أنتم لا تؤمنون بالقرآن، أنتم منافقون تعملون بالتقیة وإمامكم قال: التقیة دینی ودین آبائی. وأنتم فرقة یهودیة أسسها عبد الله بن سبأ الیهودی. قلت لهم مبتسما: دعونا من الشیعة، وتكلموا معی أنا شخصیا فقد كنت مالكیا مثلكم واقتنعت بعد بحث طویل بأن أهل البیت هم أحق وأولی بالاتباع، فهل عندكم حجة تجادلونی بها، أو تسألونی ما هو دلیلی وحجتی عسی أن نفهم بعضنا بعضا؟



[ صفحه 13]



قالوا: أهل البیت هم نساء النبی وأنت لا تعرف من القرآن شیئا قلت: فإن صحیح البخاری وصحیح مسلم یفیدان غیر ما ذكرتم! قالوا: كل ما فی البخاری ومسلم وكتب السنة الأخری من حجج تحتجون بها هی من وضع الشیعة دسوها فی كتبنا. أجبتهم ضاحكا: إذا كان الشیعة وصلوا للدس فی كتبكم وفی صحاحكم فلا عبرة ولا قیمة لها لمذهبكم القائم علیها!! فسكتوا وأفحموا ولكن أحدهم عمد إلی التهریج والإثارة من جدید فقال: من لا یؤمن بخلافة الخلفاء الراشدین سیدنا أبی بكر وسیدنا عمر وسیدنا عثمان وسیدنا علی وسیدنا معاویة وسیدنا یزید رضی الله عنه وأرضاه فلیس بمسلم! ودهشت لهذا الكلام الذی ما سمعت مثله فی حیاتی وهو تكفیر من لا یعتقد بخلافة معاویة وابنه یزید، وقلت فی نفسی: معقول أن یترضی المسلمون علی أبی بكر وعمر وعثمان فهذا أمر طبیعی أما علی یزید فلم أسمع ذلك إلا فی الهند. والتفت إلیهم جمیعا أسألهم: أتوافقون هذا علی رأیه! فأجابوا كلهم: نعم. وعند ذلك عرفت بأن لا فائدة فی مواصلة الكلام، وفهمت بأنهم إنما یریدون إثارتی حتی ینتقموا منی، وربما یقتلونی بدعوی سب الصحابة فمن یدری؟ ورأیت فی أعینهم شرا وطلبت من مرافقی الذی جاء بی إلیهم أن یخرجنی فورا، فأخرجنی وهو یتحسر ویعتذر إلی علی ما وقع. وهذا الشخص البرئ الذی كان یرمی من وراء هذا اللقاء أن یتعرف علی الحقیقة هو الشاب المهذب شرف الدین صاحب المكتبة والمطبعة الإسلامیة فی بومبای فهو شاهد علی كل ما دار بیننا من هذه المحاورة المذكورة ولم یخف استیاءه من هؤلاء الذین كان یعتقد بأنهم من أكبر العلماء.



[ صفحه 14]



وغادرتهم وأنا ساخط متأسف علی ما وصلت إلیه حالة المسلمین وخصوصا الذین یتزعمون مراكز الصدارة ویتسمون بالعلماء وقلت فی نفسی إذا كان العلماء بهذه الدرجة من التعصب الأعمی فكیف یكون عامة الناس وجهالهم، وعرفت عندئذ كیف كانت تقوم المعارك والحروب التی تسفك فیها الدماء المحرمة وتهتك فیها الأعراض والحرمات باسم الدفاع عن الإسلام، وبكیت علی مصیر هذه الأمة التعیسة المنكوبة التی حملها الله سبحانه مسؤولیة الهدایة وحملها رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أیضا مسؤولیة إیصال النور إلی القلوب المظلمة فإذا بها تصبح بحاجة إلی بصیص من النور، وفی وقت یكون فیه فی الهند وحدها سبعمائة ملیون نسمة یعبدون غیر الله تعالی، ویقدسون البقر والأصنام والأوثان، وبدلا من أن تتوحد جهود المسلمین لهدایتهم وإرشادهم وإخراجهم من الظلمات إلی النور حتی یسلموا لرب العالمین، نری أن المسلمین الیوم وخصوصا فی الهند هم بحاجة إلی الهدایة والتصحیح. لهذا سیدی أرفع كتابی إلیكم داعیا إیاكم باسم الله الرحمن الرحیم وباسم رسوله الكریم وباسم الإسلام العظیم ولقوله تعالی: واعتصموا بحبل الله جمیعا ولا تفرقوا أدعوكم أن تقفوا وقفة المسلم الشجاع الذی لا یخشی فی الله لومة لائم ولا تأخذه العصبیة ولا الطائفیة إلی حیث یحب الشیطان وأولیاءه. أدعوكم لوقفة مخلصة وصریحة، فأنتم من الذین حملهم الله المسؤولیة ما دمتم تتكلمون باسم الإسلام فی تلك الربوع، فلا یرضی الله منكم أن تقفوا وقفة المتفرج الراضی بما یقع هنا وهناك من مآس یدفع ثمنها الأبریاء من المسلمین سنة وشیعة، والله سائلكم یوم القیامة عن كل صغیرة وكبیرة ومحاسبكم عن كل شاردة وواردة لأنه لا یستوی الذین یعلمون والذین لا یعلمون فعلی قدر أهل العزم تأتی العزائم وتأتی علی قدر الكرام المكارم.



[ صفحه 15]



وما دمتم تتزعمون علماء الهند فمسؤولیتكم عظمی لا شك فیها وكلمة منكم قد یكون فیها صلاح الأمة فی الهند كما قد یكون فیها هلاك الحرث والنسل فاتقوا الله یا أولی الألباب!. وبما أن الله سبحانه أعطی للعلماء المرتبة الأولی بعد الملائكة فقال عز من قائل: شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط. وإذا كان سبحانه یأمرنا جمیعا بقوله: وأقیموا الوزن بالقسط ولا تخسروا المیزان وإذا كان المفسرون یذهبون إلی ضرورة إقامة العدل فی الموازین المادیة ذات القیمة المحدودة، فما بالكم بإقامة العدل فی القضایا العقائدیة التی تتأرجح بین الحق والباطل وتتوقف علیها هدایة البشریة ونجاة الإنسانیة بأسرها. قال الله تعالی: وإذا حكمتم فاحكموا بالعدل وقال أیضا: یا داود إنا جعلناك خلیفة فی الأرض فاحكم بین الناس بالحق ولا تتبع الهوی فیضلك عن سبیل الله. وقد قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم: قل الحق ولو علی نفسك، قل الحق ولو كان مرا. سیدی العزیز إلی كتاب الله أدعوكم، وإلی سنة رسوله أدعوكم، فقولوها صریحة مدویة ولو كانت مرة تكون لكم شهادة عند الله، بربك هل الشیعة عندكم غیر مسلمین. هل تعتقدون حقا أنهم كفار؟ هل أتباع أهل البیت النبوی الذین یوحدون الله ویعظمونه أكثر من كل الفرق - لقولهم بتنزیهه عن المشابهة والمشاكلة والتجسیم. ویؤمنون برسوله محمد صلی الله علیه وآله وسلم ویعظمونه أكثر من كل الفرق - لقولهم بعصمته المطلقة حتی قبل البعثة، هل هؤلاء تحكمون بكفرهم؟؟ هل الذین یتولون الله ورسوله والذین آمنوا، ویهوون هوی عترة النبی



[ صفحه 16]



ویوالونهم، كما عرفهم ابن منظور فی لسان العرب فی مادة شیعة، فهل تقولون أنتم بأنهم غیر مسلمین؟؟ هل هؤلاء الشیعة الذین یقیمون الصلاة كأفضل قیام، ویؤتون الزكاة ویزیدون علیها خمس أموالهم طاعة لله ولرسوله ویصومون رمضان وغیره من الأیام ویحجون البیت ویعظمون شعائر الله ویحترمون أولیاء الله ویتبرؤون من أعداء الله وأعداء الإسلام، هل هؤلاء عندكم مشركون؟؟ هل الذین یقولون بإمامة اثنی عشر إماما من أهل البیت الذین أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهیرا، وقد نص علیهم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، كما أخرج ذلك البخاری ومسلم وغیرهما من صحاح أهل السنة، هل هؤلاء عندكم مارقین عن الإسلام؟؟ هل كان المسلمون یوما یجهلون الإمامة ولا یقرون بها سواء كان ذلك فی حیاة الرسول أو بعد وفاته حتی نلصق نظریة الإمامة ومبادئها بالفرس والمجوس؟ وهل تقولون فعلا بكفر من لا یعترف بإمامة یزید بن معاویة الذی عرف فسقه الخاص والعام من المسلمین، ویكفی یزید خسة وسقوطا ما أجمع علیه المسلمون من إباحته المدینة المنورة لجیشه وجنده یفعلون فیها ما یشاؤون لأخذ البیعة له بالقهر علی أنهم له عبید، فقتلوا عشرة آلاف من خیرة الصحابة والتابعین وهتكوا فیها أعراض المحصنات من النساء والفتیات المسلمات حتی ولدن من سفاح ما لا یحصی عدده إلا الله. ویكفیه عارا وشنارا وخزیا مدی الدهر قتله سید شباب أهل الجنة وسبیه بنات الرسول، وضربه ثنایا الحسین بقضیبه وتمثله بالأبیات المعروفة: لیت أشیاخی ببدر شهدوا إلی قوله لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحی نزل. وهو صریح بأنه لا یؤمن بنبوة محمد ولا بالقرآن الكریم، فهل حقا



[ صفحه 17]



توافقون علی تكفیر من تبرأ من یزید وأبیه معاویة الذی كان یلعن علیا ویأمر بلعنه بل ویقتل كل من امتنع عن ذلك من خیرة الصحابة كما فعل مع حجر بن عدی الكندی وأصحابه، وسنها سنة متبعة دامت سبعون عاما، وهو یعلم قول الرسول صلی الله علیه وآله وسلم من سب علیا فقد سبنی ومن سبنی فقد سب الله. كما أخرج ذلك صحاح أهل السنة. إضافة إلی ما قام به من أعمال تتنافی مع الإسلام، وقتله الأبریاء والصلحاء من أجل أخذ البیعة لابنه یزید بالقهر والقوة، وقتله الحسن بن علی عن طریق جعدة بنت الأشعث، إلی جرائم أخری كثیرة یذكرها له التاریخ عند أهل السنة كما یشهد له بها شیعة علی. فما أظنكم سیدی توافقون علی كل ذلك، وإلا فعلی الإسلام السلام، وعلی الدنیا العفا. وعندها لا یبقی بعد ذلك مقاییس ولا عقل ولا شرع ولا منطق ولا دلیل. والله سبحانه وتعالی یقول: یا أیها الذین آمنوا اتقوا وكونوا مع الصادقین. ولقد صدق والله عالم الباكستان المغفور له أبو الأعلی المودودی رحمه الله عندما ذكر فی كتابه المسمی بالخلافة والملك فی صفحة 106 نقلا عن الحسن البصری قوله: أربع خصال كن فی معاویة لو لم تكن له إلا واحدة لكانت موبقة له: 1 - أخذه الأمر من غیر مشورة المسلمین وفیهم بقایا الصحابة ونور الفضیلة. 2 - استخلافه بعده ابنه السكیر الخمیر الذی یلبس الحریر ویضرب الطنابیر. 3 - إدعاؤه زیادا وقد قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر.



[ صفحه 18]



4 - قتله حجرا وأصحاب حجر فیا ویلا له من حجر وأصحاب حجر (أعادها ثلاثا). فرحم الله أبا الأعلی المودودی الذی صدع بالحق ولو شاء لزاد فوق هذه الخصال الأربع أربعین ولكنه رحمه الله رأی أن فی ذلك كفایة لتكون موبقة لمعاویة، والمعروف أن كلمة موبقة معناه (توبق فی النار). ولعل المودودی كان یراعی عواطف الناس الذین تعلموا من أسلافهم تقدیس معاویة واحترامه والترضی علیه بل وحتی علی ابنه یزید أیضا كما سمعت ذلك بنفسی من علمائكم فی الهند فلا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم. ولكل ذلك راعیت أنا أیضا عواطف أولئك الذین دعونی لیستفزونی، فلم أذكر لهم شیئا من ذلك خوفا علی نفسی. فأنا أهیب بكم سیدی أن تقفوا وقفة صریحة تبغون بها وجه الله تعالی فإن الله لا یستحی من الحق ولا أطلب منكم الاعتراف بمساوئ هؤلاء ولا بنشر فضائحهم فالتاریخ كفانا وإیاكم مؤونة ذلك. ولكن المطلوب منكم أن تعترفوا وتعلموا أتباعكم بأن الذین لا یعترفون بإمامة هؤلاء ولا یوالونهم، هم مسلمون حقیقیون جدیرون بالاحترام ولیس فی ذلك شك. أن تقولوا بأن الشیعة مظلومون علی مر التاریخ لأنهم لم یتبعوا ولم یعترفوا بإمامة الشجرة الملعونة التی ضربها الله مثلا فی القرآن. فما هو ذنب الشیعة بربكم، إذا كان رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یأمر المسلمین باتباع أهل بیته من بعده حتی جعلهم كسفینة نوح ینجو من یركب فیها ویهلك من یتخلف عنها. وما ذنب الشیعة إذا امتثلوا لأمر الرسول بقوله تركت فیكم الثقلین كتاب الله وعترتی ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدی أبدا كما تشهد بذلك صحاح السنة فضلا عن كتب الشیعة.



[ صفحه 19]



وبدلا من شكرهم وتقدیمهم وتفضیلهم علی غیرهم لامتثالهم أوامر الرسول صلی الله علیه وآله وسلم، نشتمهم ونكفرهم ونتبرأ منهم، فما هذا بإنصاف ولا هو معقول. دعونا سیدی من أقوال التخریف والتزییف التی لم تعد تقوم علی دلیل وبرهان ولم تعد تنطلی علی المثقفین من أبناء أمتنا، من أن الشیعة لهم قرآن خاص بهم، أو أنهم یقولون بأن صاحب الرسالة هو علی، أو أن عبد الله بن سبأ الیهودی هو مؤسس التشیع، إلی غیر ذلك من الأقوال السخیفة المغرضة التی یشهد الله أنها من خیال أعداء الإسلام وأعداء أهل البیت وشیعتهم، والتی ما أوجدها إلا التعصب الأعمی والجهل المقیت. وأنا أسأل سیدی العزیز أین علماء الهند من علماء الأزهر الشریف الذین أفتوا بجواز التعبد بمذهب الشیعة الإمامیة منذ ثلاثین عاما، ومن علماء الأزهر الأعلام من یری بأن الفقه الجعفری الذی تعمل به الشیعة هو أشمل وأثری وأقرب إلی روح الإسلام من المذاهب الإسلامیة الأخری التی هی عیال علیه. وعلی رأس هؤلاء فضیلة الشیخ محمود شلتوت رحمه الله الذی ترأس الأزهر فی حیاته فهل أمثال هؤلاء العلماء لا یعرفون الإسلام والمسلمین؟ أم أن علماء الهند أعلم منهم وأعرف؟ فما أظنكم تقولون بذلك!! سیدی الكریم أملی فیكم وطید وقلبی إلیكم مفتوح بالمحبة والشفقة والحنان، وقد كنت فی ما مضی مثلكم محجوب عن الحقیقة وعن أهل البیت وشیعتهم، فهدانی الله سبحانه إلی الحق الذی لیس بعده إلا الضلال، وتحررت من قیود التعصب والتقلید الأعمی، وعرفت بأن أغلب المسلمین لا زالت تحجبهم الإشاعات والأباطیل وتصدهم الدعایات عن الوصول إلی الحقیقة لیركبوا جمیعا فی سفینة النجاة ویعتصموا بحبل الله المتین فلیس هناك كما تعلمون بین السنة والشیعة فرق إلا فیما اختلفوا فیه بعد الرسول من أجل الخلافة، وأساس الفرقة هو اعتقادهم فی الصحابة،



[ صفحه 20]



والصحابة رضی الله عنهم اختلفوا فیما بینهم حتی لعنوا بعضهم بل وتحاربوا وقتل بعضهم بعضا. فإن یكن الاختلاف فیهم خروجا عن الإسلام فالصحابة هم أولی بهذه التهمة والعیاذ بالله. ولا أعتقد بأنكم ترضون بذلك والإنصاف یدعوكم أن لا ترضوا بإخراج الشیعة عن الإسلام وكما دأب الشیعة علی تقدیس أهل البیت واحترامهم كذلك دأب السنة علی احترام الصحابة وتقدیسهم أجمعین وشتان بین الموقفین، فإذا كان الشیعة فی ذلك مخطئین فأهل السنة أولی بالخطأ، لأن الصحابة بأجمعهم یقدمون علی أنفسهم أهل البیت ویصلون علیهم كصلاتهم علی النبی ولم نعرف أحد من الصحابة رضوان الله علیهم قدم نفسه أو فضلها علی أهل بیت المصطفی فی علم أو فی عمل. فالوقت قد حان لرفع المظلمة التاریخیة عن شیعة أهل البیت والتقارب معهم والتآخی والتعاون علی البر والتقوی - ویكفی هذه الأمة إراقة الدماء وإثارة الفتن. فعسی الله سبحانه یجمع بكم الكلمة ویلم بكم الشتات ویرتق بكم الفتق ویداوی بكم هذه الجراح ویخمد بكم نار الفتنة ویخزی بكم الشیطان وحزبه فتكونون عند الله من الفائزین خصوصا وأنكم من سلالة العترة الطاهرة علی ما أسمع، فاعملوا علی أن تحشروا معهم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون. وقل اعملوا فسیری الله عملكم ورسوله والمؤمنون وفقكم الله وإیانا لما فیه خیر البلاد والعباد وجعلكم الله وإیانا من العاملین المخلصین لوجهه الكریم. أبعث لسیادتكم وبصحبة هذه الرسالة نسخة من كتاب ثم اهتدیت الذی ألفته بخصوص هذا الموضوع هدیة منی إلیكم عسی أن یجد لدیكم القبول. والسلام علیكم ورحمة الله تعالی وبركاته المخلص محمد التیجانی السماوی التونسی



[ صفحه 21]